کد مطلب:190615 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:307

تعدد الشموس و الأقمار
أئمتنا علیهم السلام سبقوا الزمن بعلومهم و معارفهم، و فاقوا المتأخرین فی اكتشافاتهم، و امتازوا عن غیرهم باحاطتهم بكل طارف و تلید من العلوم و الفنون، فكانوا علیهم السلام ینثرون علی تلامذتهم كلمات تعتبر الیوم أسس العلوم الحدیثة، و خلاصة ما توصل الیه العلماء بمختبراتهم و أجهزتهم.

و لو اطلع هؤلاء العلماء و المكتشفون علی هذه الكلمات الصادرة من الأئمة علیهم السلام من قبل ثلاثة عشر قرنا، و فی وقت تنعدم فیه الآلات و الأجهزة، لكانوا أسرع الناس بهم ایمانا، و أشد الخلائق لهم حبا، و اذا كان الاسلام محجوب بالمسلمین - كما یقول علماء الغرب - فالأئمة علیهم السلام محجوبون بشیعتهم، لعدم نشرهم لعلومهم، و أعطاء العالم صورة صادقة عنهم.

أقدم فی هذا الفصل حدیثا للامام علیهم السلام ذكره الشیخ الأقدم محمد بن الحسن الصفار المتوفی 290 ه، و السید هاشم البحرانی المتوفی 1107 ه فی تفسیره البرهان.

عن جابر بن یزید، عن أبی جعفر قال: ان من وراء شمسكم هذه أربعون عین شمس، ما بین عین شمس الی عین شمس أربعون عاما، فیها خلق كثیر، ما یعملون أن الله خلق آدم، أو لم یخلقه، و ان من وراء قمركم هذا أربعون قرصا، بین القرص الی القرص أربعون عاما فیها خلق كثیر، لا یعلمون أن الله عزوجل خلق آدم أو لم یخلقه، قد ألهموا كما ألهمت النحلة [1] .

قال السید هبة الدین الشهرستانی رحمه الله بعدما أورد هذا الخبر و غیره من



[ صفحه 366]



الأخبار المماثلة: و الحاصل أن المتقدمین مطلقا لم یذهب منهم ذاهب الی تعدد الشموس، و لا الی جواز كثرتها، الی هذه العصور الأخیرة التی تكاملت فیها الهیئة المستحدثة، و استكشف علماؤها كثرة الشموس من طرق قویمة حادثة، من أدوات حل النور و النظارات و نحوها، بل اكتشفوا درجات أنوار الثوابت و ما فیها من الأجزاء المنیرة، و العناصر المثیرة للنور، و قاسوا أبعادها و مقادیر كراتها، فأنتجت آراءهم أن الكواكب الثابتة هی بأسرها شموس منیرة بذاتها، حامیة بنفسها، سابحة فی أعماق الفضاء الواسع سبحا، و لا نحده من كثرة البعد الشاسع، و لیس شی ء منها منوطا بعالمنا، و لا مربوطا بنظام شمسنا، و لكل واحد منها نظام خاص و عالم مخصوص، مؤلف من أراض سیارة، و أقمار دوارة و هی فی مركز نظامها كشمسنا فی عالمنا، و لا زالت هذه الآراء فی نمو و انتشار، حتی أصبح الیوم تعدد الشموس كالشمس وسط النهار.

و أما الشریعة الاسلامیة، فقد سبقت المتأخرین طرا فی اظهار هذا الرأی الجلیل بأكثر من ألف سنة، فأظهرت فی موارد عدیدة تعدد الشموس و الأقمار فی عالم الوجود بالتلویح تارة و بالتصریح أخری.

و قال رحمه الله فی ختام بحثه هذا: فهذه یا اخوانی ناصیة الأرض قد ابیضت و شابت بكرور الأعصار، حتی استولدت مبادی ء و مبانی و أدوات أنتجت هذه الأفكار الأبكار، و أصبحت ملل الغرب تفتخر بكشفها، و أضحی أبناء الشرق یفتخرون بأخذها و نشرها. فانظروا الی أوصیاء النبی علیهم الصلاة والسلام كیف فاهوا بها و ذكروها فی غابر الدهور، و ماضی العصور، حیث لا عین و لا أثر من هذه المبانی، و لا خطر علی قلب بشر بعض هذه المعانی، و مع هذا كله لم یمنحوا علیهم السلام هذه الأسرار أهمیة، و لا أورثت فیهم اعجابا، بل كانوا یهتمون و یستعظمون المعارف الالهیة، و رعایة النوامیس الشرعیة، و یحرضون الناس علی اصلاح مملكة النفس، و تكمیل كمالاتها و ملكاتها، و العمل لما بعد الموت، فانه مفترس كل نفس بالیقین، فالفوز لمن استیقظ عقله، و اكتسب النعیم الدائم [2] .



[ صفحه 367]




[1] بصائر الدرجات. البرهان في تفسير القرآن: 1 / 47.

[2] الهيئة و الاسلام، 236.